EnglishالعربيةSyriac

القيم الجمالية في مجموعة يونان هوزايا-( سي دار، وسي ميفان – ثلاث شجيرات وثلاث ضيوف)

4 سبتمبر، 2021

بەها جوانيه كانى  شیعر لە کۆشیعری سێ دار و سێ میڤاندا

        فريدون سامان *

ترجمة : بطرس نباتي

      التقديم

يعود تاريخ الأدب السرياني الى قرون خلت ، وخاصة الشعر السرياني الذي له ماضٍ وتاريخ عريق جدا ،  في بداية دخول المسيحية الى ميزوبوتاميا ( بلاد ما بسن النهرين ) تميزت معظم مضامينه  في اغلب  نصوصه بطابعها  الديني والإيماني ، حيث دون باللغة الآرامية قبل ان يطلق عليها اللغة السريانية في القرون المتأخرة ومن الشعراء الذين برزوا في بداياته نذكر منهم  :

(بردیصان  سنة  ٢٢٢م ، مار أفرام، انطوان  التکریتی، یعقوب  السروجی، ابن العبري ، مار میخا نوهدرایا، أسحاق اميدي ، إسحاق  الأنطاكي ، أسحاق الرهاوي  و گۆرگیس و وفا  اربيلي  )

تميزت قصائد هولاء بانها كانت ذات مضامين دينية ، اما في الشعر السرياني المعاصر فقد شهدت القرون المتأخرة ظهور شعراء مجددين من امثال :

فريدون  اثورايا ، أدي الخص ، جان الخص ،  روبن بيث شموئيل ، شاکرمجید سیفو، پۆلس ادم  ، پۆلس شلیطا ، نینیۆس نیراری، لونا یوارش ، نزار الديراني ،  عادل دنو ، يونان هوزايا بطرس نباتی، عۆدیشۆسادا، لەتیف پۆلان كوركيس نباتي  .. واخرون )  وعلى حد علمي ان هناك العديد من الشعراء السريان إضافة لهولاء الذين كتبوا إشعارهم بلغة الام ( السورث)  هناك أيضا من  كتبوا باللغة العربية  سرگون بولص ، جان دمو ،الآب یوسف سعيد . الفريد  سمعان ، زهير بردى، أمير بولص  وغيرهم  ...

ومن الشعراء من كتب ايضا باللغة الكوردية منهم ( خليل خوراني ، دلال صليوا ،    هاوژين  صليوا  ، يونان هوزايا )

هولاء الشعراء السريان الذين ذكرتُهم لهم بصمتهم الواضحة في الشعر السرياني سواء الكلاسيكي او المعاصر .

لكني ما اود ان اطرحه هنا  ، هو ما يتعلق بشاعر سرياني ، كتب شعره باللغة الكوردية من اهالي زاخو ، شمال كوردستان ، ومن خلال  تجربته الشعرية

الخاصة به  كشاعر سرياني تمكن من إصدار مجموعته الشعرية باللغة الكوردية وقد طبعها تحت عنوان ( ثلاثة شجيرات  وثلاثة ضيوف )  وساتعرض لهذه المجموعة من حيث اللغة والصورة الشعرية ، وكذلك مضامينها من حيث ارتباط الشاعر  بالأرض بالإنسان وببيئة وطنه ..   

اللغة والصورة  الشعرية الشعرية عند يونان هوزايا

في كل نص ادبي وخاصة النص الشعري ، تكون للغة الشعرية  مكانة خاصة في تركيبة النص الأدبي ، وفي بنائه  الفني  وهي تدخل  ضمنا في التفرقة بين النص الشعري وغيره من الصنوف الأدبية الاخرى ، لذلك يتوجب ان تكون لغة متينة وغير مباشرة وموجزة لئلا تكون سببا في  نفور المتلقي عن قراءة النص الشعري ، وبواسطة هذه اللغة الشعرية يتمكن المتلقي مِنْ  ان يفرق بين شاعر وآخر، بين استخدام الصورة الشعرية والمعنى العام للقصيدة ، يتوضح التجنيس الشعري  وذلك يعود عادة الى اللغة الأدبية التي وضفها الشاعر في كتابة قصائده .

بعد قرائتي للمجموعة ( ثلاث شجيرات  وثلاثة  ضيوف ) للشاعر يونان هوزايا ، تأكد لي بان جميع قصائد هذه المجموعة رغم استخدام الشاعر للغة سهلة وبسيطة الا انها لغة فنية وشاعرية ، يمكننا فصلها وبسهولة بتمييزها عن اللغة التي نتحدث بها أو ما تسمى لغة التخاطب ، النص الشعري نص فني ينشأ او يولد من خيال الشاعر ، يعبر عما يريده بلغة شاعرية  ، او تنتمي له وحده دون غيره وخاصة ما تتضمنه من مفردات وتعابير  يختص هو دون غيره باستخدامها لإثراء لغته الشعرية

جميع قصائد هذه المجموعة تعبر عن مكنونات الشاعر ،مما يجعل المتلقي سواء كان قارئا او ناقدا يكون علاقة او تفاعلا فنيا مع النص الشعري ، يقول يونان هوزايا :

ثلج جميل

ثلج جميل ..

الى اين انت ذاهب ؟

في هدوء الفجر  انت رفيق دربي

في ذلك الطريق ،

ذكرتني بالأيام الحلوة

أيام العشق بين قطعان الغنم 

رغم ان  هذه اللغة التي استخدمها الشاعر لغة بسيطة ومفهومة ، لكنها تتميز بخصوصيتها في التعبير عن الحقيقة  المتأصلة  خيال  في  المتخيل الشعري لشاعر المتأثر بالطبيعة الخلابة لمنطقة بهدينان التي يتخذها هوزايا كباك راوند لصورته الشعرية هذه .

يونان هوزايا له تجربة ثرة في كتابة القصيدة المعاصرة  بلغة السورث ، وقد نقل هذه التجربة بأمانة الى هذه المجموعة رغم انها ليست بلغة الام التي تعود على الكتابة بها ، رغم ان بعض  تراكيبه اللغوية تكاد  تقترب من المباشرة  والتقريرية ، ولكن هذا ما يساعد النقاد وحتى على اي متلقي اخر ان يتعرف على بيانه الشعري او الغرض من كتابة قصيدته ، بعكس أولئك الشعراء الذين يغلفون  قصائدهم برموز  فلسفية وبعبارات يتوجب على المتلقي الاستعانة بمعاجم اللغة او بخزينه  المعرفي لاكتشاف المعنى ، لتفكيك شفراتها

في مقطع اخر نقرأ

قلبي المسكين

ما اصابك  من محن قد عبرت 

رغم كونك  قطعة من لحم ودم

الا إنك  طافح  بالحدث والذكرى

يمكننا ان نجزم ، بان اي متلقي او مثقف او ناقد اذا لم يكن يتحلى بثقافة وإلمام معرفي بأدبيات اللغة العربية والمشرقية ، لايمكنه من إعطاء تفاسير او توضيح لمثل هذه الصور الشعرية .

واكيد في الشعر المعاصر ، يتوجب على الشاعر ان يكون له دراية ومعرفة بالتجارب الشعرية في العالم اضافة الى التجارب الشعرية المحلية .

وهذا من اجل اثراء تجربته في كتابة نصه الشعري ، ومن هذا يمكن لقارئ اعتيادي ان لا يستلذ بمثل هذه التجربة الشعرية لكونها أساسا قد كتبت للنخبة وليس للعامة . والنخبة هذه معنية بالأساس في تقييم ونقد تلك التجربة الشعرية ، ووضعها في قالبها النقدي من حيث دلالاتها في المعنى العام او دلالاتها الجمالية الاخرى .

اي فؤادي  المدلل / انت لازلت تخفق بمرح وفرح

منذ ان كنا سعيدين  تحت تلك الأشجار

انا وحبيبتي تحت زخات الأمطار

بعد ذلك الارض والسماء

ارتديا احلى حلة بيضاء

جبل چناروك بدا مطرزا *

فؤادي الذي أسره بحسنه

قلت له  متى ؟، هوأيضا  قال متى؟

نحن ماذا تركنا خلفنا ؟.. ماذا تركت الامواج لنا؟

هنا لا بد لنا من القول ، بناء كل نص  ، يرتبط  بتجنيس الفني للشعر ، واذا اردنا فضح مشفراته التي يضمنها الشاعر في مقاطع النص لابد ان نتعرف على المضمون الذي يقصده او المعنى العام الذي يكون كدلالة معرفية للتعرف على النص الشعري من خلال تفكيك مفردات الشاعر اللغوية .

في  العديد من اللهجات الكوردية  في اجزاء كردستان غربا وشرقا أشتغل  الشعراء المعاصرون على الهيكل الفني لقصائدهم مهملين في معظمها المضامين ، في قصائد هوزايا يشعر المتلقي بان الشاعر قد ضحى  ببناء  الفني  لقصائده من اجل المعنى او  من اجل المضمون .

في قرائتي لقصائد المجموعة ، ظهر بان الشاعر خلال زمن كتابته لقصائد المجموعة استحضر او ضمن قصائده بعض مفردات اقتبسها من الأساطير او من الرموز الدينية التي ضلت حية رغم مرور ازمنة عديدة على استخداماتها ولقدمها لا نعلم كيف دونت وكيف استخدمت تلك الرموز والمضامين ، وقد اهتم يونان كثيرا بالصورة الشعرية وكيفية استخدامها في بناء القصيدة .