قصّاصون عراقيون سريان في مسيرة القصّة العراقية (ج1)

لكوني أجيد السريانية نطقا دون الكتابة وأصولها وقواعدها إقتصر بحثي عن الذين كتبوا قصصهم باللغة العربية، وبعد بحث مضنٍ في بطون الدوريات والمجلات والكتب، تجمعت لدى معلومات كانت بعضها عالقة في ذاكرتي وذائقتي منذ البواكير، وكنت إبان الستينات وبدء السبعينات أحس بالزهو والفرح وأنا أقرأ هذه الكوكبة المتألقة من القصاصين السريان، فمن منا لا ينتابه أحساس بالفخر وهو يقرأ للقاص المبدع المتجدد يوسف متي الذي كان نسيج وحده في أسلوبه الحديث المتقدم على زمانه وعصره عبر قصصه القصيرة القليلة المتناثرة في حنايا الصحف والمجلات والتي لم يصدرها في كتاب، ولأهميته أقدم الناقد سليم السامرائي على جمع قصصه ونشرها في كتاب مستقل في سبعينات القرن الماضي.
هذا في فترة الثلاثينات حيث بزغ ومن ثم انطفأ على عجل نجم يوسف متي، ولكن رجاءنا هو رصيده في ذاكرة مؤرخي القصة العراقية وذاكرة الزمن.
أما فترة نهاية الخمسينات فهناك القاص والروائي والمسرحي المثابر أدمون صبري الذي شق لنفسه بتواصله العجيب وعطاءه الغزير وتواجده الدائم في الساحة القصصية عبر عقدين ونيف، يكتب وينشر المجاميع القصصية والروايات والمسرحيات حتى رحيله منتصف السبعينات، ولعل هذا القاص يشير الى ظاهرة لفتت نظر الوسط الثقافي، فأنه عبر مسيرته الأبداعية ظل وفيا لمنهج القص الأربعيني في القصة العراقية وتحديدا نهج (ذو النون أيوب)في الواقعية التي تصل حد النقل الصوري مما أثار لغطا حول جدوى كتاباته فتجاهله النقاد بل أن البعض هاجمه بضراوة، ولكن رغم كل شي، بقى أدمون صبري أسما لا يمكن نسيانه أو تجاهله في رحلة القصة العراقية.
وهناك في المشهد الخمسيني القاص يوسف يعقوب حداد الذي واكب القصة العراقية منذ الخمسينات وحتى رحيله في نهاية التسعينات، فهو يعد من الأسماء المعروفة في ساحة القصة العراقية عبر عطاءه المتواصل ومجاميعه القصصية التي أثرت القصة العراقية.
أما سركون بولص، القاص والشاعر والفنان الستيني فقد طرح نفسه في الميدان كأحد المؤسسين للتيار الستيني الذي كان علامة مميزة في رحلة القصة العراقية والذي أثار هذا الجيل جدلا لم ينته الأ بأعتراف النقاد على انه من اكثر التيارات المؤثرة في القصة العراقية والذي لا يزال يرفد بالجديد والمتقدم من فن القص، والحديث عن تجربة سركون بولص قد تحتاج الى وقفة متأملة متعمقة لعمق تجربته وثراءها عبر قصصه القليلة التي نشرها.
ثم جاءت فترة السبعينات التي أفرزت أسماء اجتهدت أن تجد لها مكانا في المشهد القصصي العراقي مثل د. سعدي المالح، فاضل نوري، بنيامين حداد.
سعدي المالح نشر مجموعته البكر (الظل الآخر لأنسان آخر) عام 1971، وفاضل نوري أصدر مجموعته القصصية الأولى (السعادة السوداء) عام 1974، وبنيامين حداد نشر قصصا لا تربو على أصابع اليدين ولكنه سجل لنفسة شرف المحاولة.
فترة الثمانينات أفرزت أسماء قصصية كهيثم بهنام بردى، وسعيد شامايا و د. سهى رسام، فقد نشر الأولان قصصهما في النصف الثاني من عقد السبعينات ولكنهما تواصلا في الثمانينات وبحضور ثقافي عزّز من وجودهما في العقد الثمانيني، اما سهى رسام فقد نشرت قصصها في مستهل الثمانينات ثم غابت.
وفي المشهد القصصي التسعيني يبرز: عادل دنو، بطرس هرمز، بولس آدم، نوري بطرس، يوسف يلدا، جوزيف حنا يشوع ومرشد كرمو وآخرون.