EnglishالعربيةSyriac

دافنشي واسلوبه

29 مايو، 2022

دراسة : غسان فتوحي- ملبورن

ولد دافنشي  في سنة  1452  في 15 من شهر نيسان والده  بيرو كاتب عدل  من طبقة ارستقراطية والام كاتارينا  فلاحة .وفي سن المراهقة اخذه ابوه الى استوديو الفنان الكبير فيروكيو ليتدرب على الرسم .وبقي  هناك الى ان امتاز على استاذه في رسم احد الملاكين في اللوحة تعميد المسيح .

وشخصية دافنشي كانت متعددة المواهب  مثل الرسم والمعماري والتصميم والتشريح الاختراع والكيمياء والموسيقى.

ومن خلال بحثي عن شخصيته وكيف كان يفكر واسلوبه .

اكتشفت ان سر عشقه للطبيعة وفك رموزها  كان موئثر في كل اعماله  . ولان خلال التاريخ, الصقت الكثير من الشوائب  بسيرته وشخصيته . ولكونه رمز كبير لعصر النهضة ,عبقري وفنان ليس في زمنه فقط بل على مدى الازمنة التي تلته

فكان قُبلة للمفكرين والفنانين والمخترعين ومجالات اخرى .فاصبح هدف لكل شخص يريد ان يرتقي ويشتهر اذا كان من خلال فكرة او عمل اوشيء اخر ,فمجرد ان يضع رابط بما لديه مع هذه الشخصية , على حساب الامانة الفكرية والفنية والعلمية ,بل و على حساب الحقيقة المجردة . حتى يصبح من السهل نشرها وتداولها والشهرة . وهناك الكثير من الامثلة خلال التاريخ .

والتاريخ محمل بالكثير من التزوير . وخاصة اذا كانت المسالة مرتبطة ب قومية ما  او دين ما .وقد حدث ماحدث عدة مرات اعادة كتابة التاريخ , حتى اصبح من الصعب تمييز الحقيقة اين تكمن . فالافضل هو اعادة قراءة التاريخ , القراءة ما بين السطور , للوصول الىى اكثر حقيقة نستطيع لها وصولا . ملما بين الاسلوب والظروف والاحداث لذلك الزمن وللشخص المعني. لتنقية ما يمكن انقاذه من الشوائب .

فاحببت ان ادرس اسلوب دافنشي من عدة جوانب وتحليله حسب زمنه والظروف والاحداث . فمثال ذلك اسلوبه في اختراع المدرعة اوا الحصن المتحرك .

فمفهوم الحصن هو التمركز لردع هجوم العدو ولكونه بناء شامخ فالمتحصنين هم في موقع دفاع مجبرين لا مختارين .فكانت فكرة دافنشي ان يكون حصن متحرك لاضفاء ميزة الهجوم حين يتطلب الامر . فيكون مباغتة العدو وهم متحصنين.

فاخذ الفكرة من السلحفاة حيث تسير وعظمها الخارجي, اي درعها يحميها من الهجمات العدائية , وبدل الاطراف يكون مدافع في كل الاتجاهات وحسب الحاجة ومن الاسفل عجلات لحركة الحصن والقيادة في اي اتجاه مطلوب . وكانت الفكرة عبقرية حتى في عصرنا هذا فكيف قبل 500 سنة مضت.

للاسف لم يلاقي النجاح عند القادة الملوك .لصعوبة التحرك ,فلم يكن قد اخترع المحرك انذاك , والتحريك  من قيبل المقاتلين ياخذ جهدهم وطاقتهم مما يفقده القدرة على القتال والتحرك في ان واحد , مما ادى عدم نجاح هذا الاختراع في ذلك الوقت او تاجل الى زمن اخر .

كما ان في احدى لوحاته الوزة مع الفتاة العارية والتوائم .

واعيد رسمها ومع التواءم كان هناك بيضة مكسورة وكانت البيضة رمز لرحم المراءة ,

الرحم الحاضن و الحاوي للجنين والحبل السري الذي يعطي الجنين ما يحتاجه للبقاء على الحياة , وهذا كان مرسوما في احدى تخطيطات دافنشي. وكانت هذه احدى العراقيل الكبيرة اللتي كانت يصطدم بها دافنشي مع الحكم القائم وقوانين الكنيسة , ففي ذلك الزمن كان الحكم والكنيسة تمنع وتحرم تشريح الجثة .

ولكونه يدخل في مجال الطب والتشريح الفني فكان دافنشي يعطي النقود اي يرشي حارس المقابر كي يحمل الاخير اي جثة حديثة  قبل التحليل الى مكان خاص لدافنشي فيقوم بتشريحا ودراستها من حيث الطب ومن حيث تشريح الجسم من الناحية الفنية .وما كان يراه في رحم الام والحبل السري للطفل توصل به ليضع اول تصميم لبدلة غوص في الماء والغواصة . مما كان هذا يثير عليه غضب الكنيسة في ذلك الزمن.

وكان تصميم بدلة الغوص هو سابق لزمنه ايضا . وهناك فكرة او تصميم  للهليكوبتر .فمثلا دراسته للاشجار وكيف تاثير الخريف عليها ,فتيبس ورق الاشجار فتلتوي حول نفسها ومن ثم تسقط بطريقة ملتوية حول نفسها بسبب الهواء .

 فتحولت الفكرة نفسها عند دافنشي عكسيا . فلو التفت بالعكس لدفعت الهواء الى الاسفل فتعلو الورقة الى الاعلى . فصنع المروحة على شكل ملتوي كالتواء ورق الشجر بشكل اوسع . فكانت فكرته اول تصميم للمروحية .

بالاضافة لفكرته الماخوذة من جناح الخفاش . صنع ما يشبهها على طريقة ليكون اول تصميم لاول طائرة في التاريخ غير ان القوانين الفيزيائية لم تكتمل فيها لتنجح عملية الطيران .  كل هذا كان يجمع الرموز من الطبيع لكونه يعشق الطبيعة ويحولها الى فن وتصميم واختراع واكتشافات وفن وعمارة . اضافة الى ان الموسيقى كانت تساعده في التامل وتطوير الافكار والرموز.ومثل ما سبق ان ذكرنا تشريحه لجسم  الانسان ودراسته.رسم عن جسم الانسان وعضلاته واوتاره والعظام .

اراد ان يحول هذه الطبيعة برموزها الى افكار واختراعات . فكانت تخطيطاته لاول تصميم لانسان ألي غير مكتمل.

ولكي نتكلم على اسلوبه في الرسم واللوحات لا بد نشرح  عن المنضور وخط الافق اولا . ففي الجيل الذي سبق دافنشي وبالتحديد عند استاذه في الرسم فيروكيو وضعو لاول مرة في الرسم فكرة المنضور .

فلو القينا نظرة على الطريق لارينا ان كل البنايات والاشكال وكاانها تمر عليها خطوط . وجميع هذه الخطوط تلتقي في نقطة ما تسمى نقطة التلاشي واللخط الافقي الذي يمر بهما افقيا يسمى خط الافق .وهو الخط الذي نراه واضح عند البحر فه الفاصل بين السماء والبحر عند الساحل, ومستوى هذا الخط يُعبر من  اي ارتفاع  نحن  ننظر . لكن في الرسم هناك خط افق خاص بالفنان وثقافته ومن اي منطقة ينحدر ,فمثلا الفنان الاوربي لكون الكتابة عندهم تبدا من اليسار الى اليمين فخط الافق يكون مثلا من الشمال اليساري  الى  الجنوب اليميني .

بينما من يكتب من اليمين  الى اليسار فخط الافق يسهل لديه من الشمال اليميني الى الجنوب اليساري .

وهنا قد يجيد اي فنان ان يقوم بعكس الثقافة التي اتى منها ولكن بكل تاكيد تسهل له لو خط الافق كان على ثقافته . وهنا نجد باسلوب دافنشي ان خط الافق في لوحاته سهل بكل الاتتجاهات , لان دافنشي كان يكتب بيديه الاثنين وكان يكتب من اليسار الى اليمين وبالعكس وكان يستخدم اسلوب الكتابة العكسي كي يبتعد الوشي به والمترصدين له بالمشاكل من القوانين او مع  الكنيسة , فلديه من السهل كل اشكال خطوط الافق كيفما اتفقت بكل الاتجاهات .وهذا ما يظهر في لوحة مونالييزا حيث هناك خطين للافق وليس خط واحد بالاضافة الى ان النصف الايمن لموناليزا يعطي شعور يختلف عن النصف الايسر لوجهها.

فالنصف الايمن يدل على الوداعة وفيها ابتسامة اما الايسر يدل على الجدية وبعض الاستياء .فبالعادة الوجه في الرسم يعطي شعور معين لكن عند دافنشي فيعطي اكثر من شعور واحد.

والشال الخفيف فوق الراس وعلى الكتفيين . ففي ذلك الزمن  هو دلالة على ان المراءة التي ترتديه اما في الاشهر الاخيرة من الحمل او في الاشهر الاولى بعد الولادة . اي ان لديها طفل حديث الولادة وفي كلا الحالتين هذه الميزة في ذلك العصر تفند ما وصلنا عن ان هناك قصة حب وعشق بين موناليزا و دافنشي . وايضا تظهر في اللوحة خلف موناليزا شرفة ومنضر خارجي , اي انه رسمها في الخارج وليس في الداخل لانه في ذلك الوقت ومن اختراعات دافنشي هي الوان ذو القاعدة الزيتية التي تاخذ وقت طويل حتى تجف وهي تصلح للرسم في الخارج .وقبل ذلك كانت الوان ذو القاعدة المائية فتجف سريعا ولا تصلح للخارج .فكان في هذا الاختراع له الفضل على كل الرساميين الذين تلوه وقد استخدموا اللوان الزيتية . اما الوحة الشهيرة. العشاء الاخير. او اول فصح  في   الديانة اللمسيحية, او اول  قداس للمسيحية  ,فما رسم سابقا لدافنشي كان الموضوع عن كسر الخبز وكاس الخمر  اما هذا الفنان وكعاتده لدراسة اي موضوع او المادة للرسم وبعد ان درس الانجيل كي يعطي فكرته عن اللعشاء الاخيرفاختار اان تكون الفكرة عن  لحظة  اعلان السيد المسح عن احدهم سوف يسلمه ليحكم عليه , وكانت المفاجئة على كل التلااميذ لكن كل حسب شخصيته كما كتب عنها في الانجيل وكيف استقبل الخبر .

فمثلا توما الذي اشتهر بجملة : "وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ". وقد رسمه وهو رافع اصبعه مندهشا .

ويوحنا الحبيب الصغير الوديع القريب من السيد المسيح وهو يستمع الى بطرس وقد ساله  بطرس كي يسال السيد المسيح عمن يكون الخائن . وقد اشتبهه بعض الناس في هذا العصر انه امراءة وليس القديس يوحنا . وهنا علينا ان نوضح عن فن الباروك وهو احد الرسوم الواقعية التي تعطي رونق واظهار الميزات بشكل مبالغ  فيه او واضح كثيرا.

.فتشبه القديس يوحنا  ب امراءة, او انها  مريم المجدلية , كي يصنعو الروايات لدعم ذلك . يكون ابتعاد عن الحقيقة وخاصة في فن الباروك .وبالاخص هناك في نفس اللوحة شخصيات تقربت في فن  الباروك الى امراءة .

فلماذا سلط الضوء على يوحنا وترك البقية . ما يدل على  استغلال الصورة لدعم  اغراض  اخرى,والذي حاول ذلك لم يدرك شيء في فن الباروك. وبطرس الذي كان يحمل سيف صغير في يده كما جاء في الانجيل ..

:"إِنَّ سِمْعَانَ بُطْرُسَ كَانَ مَعَهُ سَيْفٌ، فَاسْتَلَّهُ وَضَرَبَ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَقَطَعَ أُذْنَهُ الْيُمْنَى."  

ويهوذا الذي كان ممسكا بصرة النقود الثلاثين من االفضة مقابل  ان يدلهم على السيدالمسيح. ويظهر يهوذا ووجهه الى الخلف اي ليس هناك تفاصيل واضحة في وجهه وقد تقصد دافنشي بذلك ليبعد اي تشابه بين يهوذا واي شخص اخر .وهذاما يبعد كل البعد عن الرواية التي تقول بان دافنشي وجد شخص مذموم فاخذه ليرسم يهوذا ,وبعدها بكى ذلك الشخص مبلغا دافنشي بانه نفس الشخص الذي رسمه لصورة  السيد المسيح . فهذه القصة ليس لها شيء من الصحة بشيء . لان صورة شخصية يهوذا بلا ملامح متقصدا دافنشي هذا كي يبعد الشبه لاي انسان بالخيانه.

والعودة للوحة العشاء الاخير  والمموقع عند اقدام المسيح في اللوحة التي رسمها دافنشي في قاعة الطعام لدير الدومنيكان في ميلانو ,فهناك موقع اخذ من اللوحة لحصول بعض الاضرار به .بحيث غطت اقدام السيد المسيح

وقد يعزى الضرر لاحد الاسباب التالية . اما لكون دافنشي استخدم تجاربه في الرسم على الجص الرطب باسلوب مغاير لانه مخترع ,لكنه فشل وخاصة ان اللوحة تضررت من هذه الطريقة بعد عد سنوات. فادت  لاضرار كبيرة ففي اللوحة وهي لحد هذا  العصر يقومون بترميمها من تلك الاضرار ,,وقد تكون الاضرار كانت كبيرة عن موقع القدمين مما جعل البعض بتاطيرها  كما نراهها في للوحة .

او لكونها في قاعة طعام لدير  مما كانت نسبة الرطوبة كبيرة وتضررت بفعل الزمن .

او من جراء ملك فرنسا لويس الثاني عشر عندما احتل ميلانو ورى اللوحة ورغب في نقلها الى باريس لكن المحاولة فشلت وكان هذا الجزء المتضرر الاكبر منها . بكل الاحوال فان الملك عندما فشل بنقلها طلب من دافنشي رسم مماثل لها . وبالفعل اكمل دافنشي رسم لوحة العشاء الاخير مع تلاميذته في  الرسم لكن هذه المرة ليس على اللحائط بل على قماش وارسلت الى فرنسا . وحين كان معارك بين الكاثوليكك والبروتستانت ولكون الاخيرين لا يتقبلون الرسومات والتماثيل  , فاضطر البعض  لتهريبها الى كنيسة في  جنوب بلجيكا وهي موجودة لحد الان  هناك بتوقيع دافنشي .ويظهر بها اللجزء المتضرر من الوحة الاولى اي اقدام السيد المسيح وفيها وضعية القدمين في خطين متوازين . وهذه الوضعية  تكون عندما يستعد  الشخص للنهوض . وفيها دلالة من دافنشي على السيد المسيح كما كتب بالانجيل.:"«يَا أَبَتَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ».

فقد  كانت دلالةعلى استعداد السيدد المسيح  لتكملة رسالته حسب مشيئة  الله.